الحشوات المعدنية مادة آمنة الاستخدام




مصدر المقالة : جريدة الرياض الخميس 2من ذي القعدة 1427هـ - 23نوفمبر 2006م - العدد 14031


في ندوة حذرت المرضى من الدعايات التجارية وما تنطوي عليه من التغرير والتضليل والمجتمعون يؤكدون:
الحشوات المعدنية مادة آمنة الاستخدام


متابعة - عبد الرحمن المنصور :

    عقدت الجمعية السعودية لطب الأسنان ندوة علمية عن مادة "الأملغم"، وذلك بالتعاون مع وزارة الصحة وقد رعى اللقاء وقام بافتتاح الندوة سعادة الدكتور عبد العزيز بن عبد المحسن الدخيل مدير عام الشؤون الصحية في منطقة الرياض.
وفي حضور لافت من أعضاء الجمعية ضم أكثر من 215من المختصين وأعضاء هيئة التدريس من عدد من كليات طب الأسنان في المملكة وعدد كبير من أطباء وطبيبات الأسنان من أعضاء الجمعية السعودية لطب الأسنان، وتأتي هذه الندوة في أعقاب ما أثير من نقاش حول مدى أمان استخدام هذا النوع من الحشوات.
وقد ألقى الدكتور محمد بن إبراهيم العبيداء مقرر الندوة عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية لطب الأسنان، كلمة في بداية اللقاء عبر فيها عن ترحيبه وشكر الجمعية السعودية لطب الأسنان على اهتمام سعادة مدير عام الشؤون الصحية في منطقة الرياض الدكتور عبد العزيز بن عبد المحسن الدخيل على تشريفه بافتتاح هذا اللقاء والذي أتى استجابة من الجمعية السعودية لطب الأسنان ومن المسؤولين عن خدمات طب الأسنان في وزارة الصحة، وذلك لما أثير حول استخدامات هذا النوع من الحشوات وماهي حقيقة ما ذكر في بعض وسائل الإعلام من إدعاءات من أن هذه المادة قد تحدث أضراراً صحية، فقد ذكر الدكتور العبيداء في كلمته أن الجمعية السعودية لطب الأسنان ترى بأن هذا النوع من الحشوات آمن ولا ينصح بإزالتها وأن موقف الجمعية يأتي متوافقاً مع آراء ومواقف الغالبية العظمى من الجمعيات الطبية العالمية كمنظمة الصحة العالمية وجمعيات طب الأسنان في أمريكا وكندا وكذلك في الإتحاد الأوروبي.
وقد قامت الجمعية بنشر هذا الرأي مدعماً بالأدلة والمراجع في وسائل الإعلام سابقاً إلا أن الجمعية وبالتعاون مع المديرية العامة للشؤون الصحية في منطقة الرياض رأت بأن تقوم بعقد هذه الندوة العلمية ليقوم الخبراء والباحثون من جامعات المملكة بإبداء رأيهم في
هذا الموضوع ولتوثيق موقف محدد من هذه المادة ثم ألقى الدكتور عبد العزيز بن عبد المحسن الدخيل كلمة جاء فيها: (أن التعامل مع الحشوات المعدنية أصبح في يومنا هذا من الممارسات المألوفة والمتكررة والتي يستخدمها قطاع كبير من المواطنين من مختلف الأعمار والأمر الآخر أن هذه الندوة العلمية قد حشد لها العديد من الكفاءات المتميزة في طب الأسنان مما يجعلنا أكثر اطمئناناً على أن هذه الندوة لاشك ستنجح في تحقيق الأهداف التي أقيمت من أجلها)
وفي ختام كلمته أضاف سعادته: (أتقدم بالشكر الجزيل لهذه الباقة المنتقاة من العلماء المختصين ممن سيقومون بتقديم المواد العلمية ضمن فعاليات هذه الندوة والذين تنهض مشاركتهم اليوم كأبلغ دليل على التكامل والتنسيق بين الجامعات والوزارة في حل مشاكل المجتمع الصحية وأنا على ثقة أن نتائج مناقشاتهم إن شاء الله ستكون فصل الخطاب في هذا الموضوع الذي يشغل بالنا جميعا، والله نسأل أن يكلل أعمال هذه الندوة بالتوفيق والسداد وأن يعزز التعاون والتنسيق في هذا المجال وغيره من مجالات العمل الصحي وصولاً للتكامل المنشود في خدماتنا الصحية)
وقد دعي لهذه الندوة العديد من الباحثين من أعضاء هيئة التدريس من كليات طب الأسنان في المملكة بالإضافة إلى رؤساء أقسام الأسنان في القطاعات الحكومية الأخرى. وقد وجهت الجمعية دعوة عامة إلى المهتمين في هذه الحشوات لحضور الندوة والنقاش لأجل الوصول في نهاية الندوة إلى توصيات حول استخدام هذا النوع من الحشوات.
وقد احتوى البرنامج العلمي على عدد من المحاضرات العلمية: فقد ألقى البروفيسور هاني شمس الدين الأستاذ في كلية طب الأسنان بجامعة الملك عبد العزيز في جدة محاضرته بعنوان:

"الأملغم" تاريخه، تركيبه واستخداماته المفضلة : وقد ذكر في محاضرته بأنه وفي اجتماع مشترك بين جمعية طب الأسنان الأمريكية ومنظمة الغذاء والدواء الأمريكية والمعنية مباشرة بسلامة الاستخدام الآدمي للمواد الغذائية والأدوية في الولايات المتحدة الأمريكية والذي تم في الفترة من 5- 6سبتمبر 2006م.
في هذا الاجتماع الذي تم بطلب من بعض جماعات حقوق المستهلكين عن مدى تأثير حشوات الأملغم على صحة المرضى وبحضور ممثلين عن هيئات طبية أخرى مثل مركز أدوات الطبية، أدوات الأشعة ولجنة خبراء أدوية المخ والأعصاب الأمريكية. حيث قامت الجمعية الأمريكية لطب الأسنان بالتأكيد على موقفها السابق الداعم للرأي بأن الأملغم هي من المواد الآمنة وبأن عنصر الزئبق الأساسي الموجود في حشوات الأملغم يتفاعل مع المكونات الأساسية الأخرى للأملغم وهي: الفضة، النحاس، القصدير والزنك لتكون مادة آمنة ثابتة (غير قابلة للتحلل) لحشو الأسنان وخواص هذه المادة تختلف كلياً عن خواص الزئبق.
ثم ألقى الدكتور علاء العربي الأستاذ المساعد في كلية طب الأسنان بجامعة الملك سعود محاضرته عن "اعتبارات الأمان والسمومية لحشوات الأملغم": وذكر في محاضرته أن الأملغم استعمل منذ أكثر من مائة وخمسين عاماً لترميم بلايين الأسنان، ويعتبر من أكثر المواد المرممة شيوعا في طب الأسنان. وقد أثير جدل قديم حول سمية مادة الزئبق الموجودة في هذه الحشوات ومدى اعتبارها كعامل مسبب لبعض الأمراض.
والسؤال المطروح هل هناك ما يدعم معارضي استعمال هذه المادة ؟
ولإيضاح سلامة هذه المادة لابد من فهم خصائص الزئبق المستعمل وسميته. من المعروف أنه ليس للزئبق السائل أية تأثيرات سمية عند ابتلاعه. وقد أثبت تقرير طبي اختفاء الزئبق من المعدة خلال عشرة أيام دون أية آثار سلبية، وذلك بعد تناول كمية 3.2كج (حوالي 248مل).

الاستنتاج :
1 - أثبت تحليل الحقائق خلال عامي 2005و 2006أنه لايوجد دليل لدعم العلاقة بين حشوات الأملغم السني وصحة الأسنان.
2 -  لم تثبت الدراسات أن للأملغم السني أي خطر على الصحة العامة، بل لبدائل الأملغم المستعملة العديد من المساوئ.
3 - لا توجد أية مخاطر صحية ذات أهمية مرافقة للتعرض الزئبقي حتى ضمن الحدود الدنيا.
4 -  تعتبر كافة الأدلة التي تدعم سلامة حشوات الأملغم قوية.
5 - تبقى حشوات الأملغم سليمة وفعالة.
6 - يجب على أطباء الأسنان تثقيف المرضى وكافة العاملين في المجال الصحي حول سلامة هذه الحشوات.
7 - تعتبر سمية مادة الزئبق أكثر خطورة على العاملين في مجال طب الأسنان منه على المرضى.
بعد ذلك ألقى الدكتور حسن إبراهيم سعيد من كلية طب الأسنان بجامعة الملك سعود محاضرة بعنوان 

"الجوانب السلبية لبدائل الأملغم": استعرض فيها الخيارات المتوفرة أمام طبيب الأسنان عند حشو السن المصاب بالتسوس ومنها الحشوات الراتنجية "الكمبوزيت" أو حشوات الغلاس أيونمر حيث ذكر في محاضرته بأن الأملغم يبقى الأفضل وخاصة في الحالات التي يصعب فيها عزل السن وتجفيفه تماماً قبل تطبيق الحشو، حيث أن البلل الحاصل بفعل اللعاب قد يمنع التصاق الحشوات في جدار السن مما قد يؤدي إلى حدوث تسرب قد يؤدي إلى تسوس غير مرئي قد ينتهي بتفاقم التسوس ووصوله إلى حجرة العصب.
ثم قام الدكتور طلال القنيعان الأستاذ المساعد في كلية طب الأسنان - جامعة الملك سعود بالرياض بإلقاء محاضرة بعنوان "موقف الهيئات العلمية الطبية من استخدام الأملغم": تحدث فيها عن موقف الهيئات الدولية الطبية وطب الأسنان عن أمان استخدام هذا النوع من الحشوات، حيث ذكر في محاضرته انه وفي عام 1985م بدأت الحرب الثالثة على استخدام حشوات الأملغم عندما ادعى د.هقنز تأثيرها على الجهاز المناعي وتسببها بكثير من الأمراض المزمنة والمستعصية وخلص إلى وجوب إزالتها لكي يتخلص الناس من أمراضهم. حالة الخوف والهلع التي تسبب بها د. هقنز دفعت بالكثير من المنظمات العالمية المهتمة بالصحة لمراجعة استخدام هذا النوع من الحشوات وتقدير مدى خطورتها. بناءا على ذلك قامت تلك الجمعيات والمنظمات بعمل مراجعة علمية دقيقة ودورية لتمحيص الأبحاث العلمية المنشورة حول هذا الموضوع واختيار المتميز منها لتقدير أمان أو خطورة هذه الحشوات.
أجمعت التقارير النهائية لـــ (جمعية أطباء الأسنان الأمريكية ADA 1992.1998.2006، منظمة الصحة العالمية WHO 2003وهيئة الغذاء والدواء FDA 1992.1997.2006م على أن حشوات الأملغم هي حشوات آمنة وذات فعالية كبيرة للاستخدام لمعالجة نخر الأسنان الخلفية. كما خلصت إلى أن ادعاءات د. هقنز ومؤيديه لم تقم على أساس علمي سليم ولم تكن سببا في شفاء مرضى الأمراض المزمنة أو المستعصية من أمراضهم. كذلك ترى المنظمة الصحي لمكافحة التدليس الطبي أن الإعلان عن عيادات لاتستخدم حشوات الأملغم (Amalgam Free) يعطي انطباعا خاطئا وغير أخلاقي ويصب في خانة التضليل.

الاستنتاجات:
1 - حشوات الأملغم آمنة وفعالة بناءا على الأبحاث العلمية السريرية والدراسات ذات الطابع العشوائي والمحكم.
2 - موضوع الأملغم ليس الموضوع الأهم والأجدر بالنقاش على مستوى المملكة بل الأولى مناقشة تدني مستوى صحة الفم والأسنان وكيفية الارتقاء بمستوى الخدمات.
3 - امتناع بعض الدول الاسكندينافية عن استخدام الأملغم مرده إلى ارتفاع مستوى صحة الفم والأسنان عند هذه الدول عن بقية دول العالم وقلة عدد الأسنان المنخورة وصغر حجم الحشوات.
4 -  بناء على كل ما سبق لازالت كليات طب الأسنان في المملكة وفي العالم تعتمد تدريس الأملغم كمادة آمنة وجيدة لعلاج حالات النخر (التسوس).
وبعد المحاضرات العلمية افتتح الأستاذ الدكتور يوسف بن فؤاد تالك رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لطب الأسنان وسعادة الدكتور محمد بن عبد الله الرافعي مدير إدارة طب الأسنان بوزارة الصحة النقاش المفتوح حول الندوة وشارك في هذا النقاش المحاضرين الأربعة والذين أجابوا بدورهم على أسئلة الحضور، وقد ألقى سعادة الدكتور محمد الرافعي كلمة في بداية النقاش شرح فيها موقف الوزارة من هذه المادة وبأنها آمنة ولا تنصح الوزارة المرضى بإزالتها استجابة للإدعاء بأنها قد تكون ضارة وأشار إلى أن لهذه المادة سجلا من الأمان ويدعم ذلك عدد كبير من البحوث العلمية المعتمدة وقد نشرت إدارة طب الأسنان في وزارة الصحة رأيهما بما أثير حول هذا الموضوع في موقع الوزارة على الشبكة العنكبوتية ونشر في الصحف الرسمية جاء فيه: (هناك قليل من الدول التي أوقفت استخدام مادة الأملغم في حشوات الأسنان، ولكن لأسباب بيئية بشكل أساسي وليس لثبوت عدم سلامة هذه الحشوات أو ارتباطها بأي من الأمراض بشكل علمي فمادة الأملغم لازالت تستخدم في غالبية دول العالم كخيار صحي وآمن في حشو الأسنان وفي وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية لازال الأملغم معتمداً كأحد الخيارات الآمنة لعمل حشوات الأسنان.
وغالبية الجامعات والكليات في أمريكا وأوروبا ومختلف دول العالم ومن ضمنها كليات طب الأسنان في المملكة العربية السعودية، وهي جهات علمية أكاديمية عالية التخصص، درست ولازالت تدرس مادة الأملغم في مناهجها الدراسية كأحد الخيارات المعتمدة في حشوات الأسنان). وقد استمع الأستاذ الدكتور يوسف بن فؤاد تالك لأسئلة واقتراحات وتوصيات المحاضرين والحضور

وقد خلصت الندوة إلى عدد من التوصيات الهامة أهمها:
1 - تدعيم الوعي الصحي وخاصة فيما يخص صحة الفم والأسنان هي أفضل وأسلم الطرق لتجنب مضاعفات تسوس الأسنان.
2 - حشوات الفضة "الأملغم" مادة آمنة للاستخدام وهي اختيار جيد لحشو الأسنان.
3 -  الزئبق المنبعث من الأملغم أدنى من الحد المسموح به عالمياً ولا يشكل خطراً على صحة المريض.
4 - عدم وجود أدلة بأن الأملغم قد تسبب في حصول أي مضاعفات صحية سوى بعض حالات إفراط التحسس النادرة.
5 - للمريض حق الاختيار في نوعية الحشوة المستخدمة وينبغي على طبيب الأسنان شرح هذه الخيارات بوضوح.
6 - يجب على أطباء الأسنان اتباع الطرق السليمة عند تركيب هذا النوع أو أي نوع آخر من الحشوات.
7 - عند استبدال حشوات الأملغم سواء بحشوة أملغم أخرى أواستخدام مادة أخرى ينبغي استخدام الحاجز المطاطي وشافط الهواء السريع والفلاتر الخاصة لتجنب المريض والطاقم الطبي العامل بالعيادة مخاطر استنشاق أبخرة الأملغم.
8 -  تحذير المرضى من الدعايات التجارية لاستبدال حشوات الأملغم لأغراض تجارية وما تنطوي عليه هذه الدعايات من التغرير والتضليل.
9 - دعوة الباحثين في طب الأسنان في المملكة لعمل دراسات ميدانية عن استخدامات هذه الحشوات وتوثيق نتائج أبحاثهم لمعرفة مدى انسجام هذه النتائج مع ما عمل من أبحاث في أماكن أخرى من العالم.
بعد ذلك قام الأستاذ الدكتور يوسف بن فؤاد تالك بتسليم درع الجمعية التذكاري لسعادة الدكتور عبد العزيز الدخيل وشكره على رعايته وحضوره الندوة.
وفي نهاية الندوة قام الدكتور عبد العزيز الدخيل بتسليم شهادات الشكر للمحاضرين.

Comments

Popular Posts